Home ContentResistance وریقات من الذاكرة نصرالله…

وریقات من الذاكرة نصرالله…

بواسطة الهدی
4 minutes read
وریقات من الذاكرة نصرالله…

د. عباس خامه یار

يوم السبت ٨ تموز (يوليو)، قبل أربعة أيامٍ بالضبط من بداية حرب لبنان التي استمرت ٣٣ يومًا، وخلال لقائي بالسيد حسن نصر الله في بيروت، قدمت له نسخةً من مجلة “شاهد ياران” الشهرية التي كنت رئيساَ لتحريرها. بعد رؤية بعض أعداد المجلة وتصفحها، شعر بالسرور ووعدنا بأنه سيجري لقاءاً حصرياً مع “شاهد ياران” في المستقبل القريب. في ذلك اليوم، لم أكن أظن أن السيد سيكون موضوعًا لإحد أعدادِنا المستقبلية، لكني وفقتُ لإلقاء عدة أبياتٍ من المثنوي حول صلابته وبسالته وقامته الشامخة:

– يعود انتصار حزب الله في حرب تموز بلا شك إلى عدةِ عوامل، لكن الجزء الأكبر من هذا النصر والفتح المجيد يعود إلى مميزات “السيد” الشخصية والإدارية البارزة. إنه ذكيٌ للغاية لدرجة أنه فاجأ نخبة خبراء العدو العسكريين وأجبرهم على أن يشهدوا له بهذه القدرات. إن إدارة مثل هذه الحرب الواسعة النطاق، وبهذه النتائج العظيمة وغير المتوقعة، هي بلا شك نتيجةُ عمرٍ من الوعي والذكاء الكبيرين في شخصيته.

– إن “السيد” هو كتلةٌ من الصدق والوضوح، لدرجة أن العدو نفسه يثق به، فكيف بالصديق الذي رهنَ قلبَه منذ زمنٍ بعيد لقيادته وزعامته.
طوال الأيام ال٣٣ الماضية، أعلن السيد مرارًا أنه على الرغم من قدرة قوات حزب الله على استهداف نقاط مهمة واستراتيجية في قلب الأراضي المحتلة، إلا أنه لم يفعل ذلك. وللمرة الأولى في تاريخ الحروب العالمية، منحه العدوّ ثقتَه، وهو من عجائب زماننا، أنّ مجموعة تسعى في حربها مع العدو إلى القضاء عليه ومحوه، وفي الوقت نفسه تثق به! مثل هذه الأمانة التي لا مثيل لها والتي تزيل الشك عن خاطر العدو، من البداهة أن تترك انطباعًا مضاعفًا لدى الأتباع والأصدقاء، وأن توحد الأٌقوام والطوائف المختلفة، على الرغم من الاختلافات العرقية والأيديولوجية، حول محور القيادة وطوافها، ويخلق في نفوس ضحايا الحرب الأخيرة وكل اللبنانيين الشعور بالرضى لما قدّموه في طريق النصر وقيادة السيد، من ثرواتهم المالية والإنسانية، لأنهم يعتبرونه وثيقة شرفٍ وعزة.

– يعرف السيد طرق النصر وحرب العدو النفسية جيدًا، من هنا، فإنه في ذروة تهديدات الكيان الصهيوني ومناوراته الحربية، وفي الوقت الذي اعتقد الجميع أن أبعاد التهديدات والاعتداءات الوحشية للعدو، أوسع بكثير مما تبدو عليه، فقد فسر وشرح لشعب لبنان بهدوءٍ بالغ، الحيل ونقاط الضعف في إعلام العدو، وبذلك حقق المستوى المطلوب من تعزيز معنوياتهم ورفع روح المقاومة فيهم مقابل هجمات العدو، وقد وفق بذلك إلى حدٍّ عجيب. حتى أن بعض الخبراء، عبّروا بأنّ السيد قد ضربَ بهدوئه ورباطة جأشه وحنكته النموذجية المسمار الأخير في نعش الحرب النفسية الإسرائيلية ضد أهالي جنوب لبنان، حتى أن هذه الحيل لن تؤثر بعد اليوم على اللبنانيين. ولقد اختبروا عدم كفاءتهم في الأيام ال٣٣ الأخيرة.

– إن قدرة السيد منقطعة النظير في البعد العسكري وفي إدارة حروب العصابات أثارت دهشة كل المراقبين الدوليين الواعين وحتى العدو الصهيوني وإعجابهم. دخل العدو ساحة المعركة على أمل محو حزب الله من ساحات التاريخ وإطفاء شرارة الأمل التي كانت ترتفع في جنوب لبنان لتصبح نارًا أبدية. ولكن بأيادٍ فارغة ورؤوسٍ منكسة، عادَ ومعه عارُ الهزيمة الموجعة. وهذا من الأسرار المهمة لقدرة السيد على مواصلة جهوده لتعزيز مستوى القدرة القتالية وحرب العصابات لقوات حزب الله بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان وتجنب الانفعالات الناجمة عن وقف إطلاق النار المؤقت وكسب النصر. يدرك السيد وكل قوى المقاومة أن هذه مجرد بداية. البداية التي تبشر بفجر الانتصار النهائي على الكيان الصهيوني وتحرير الأراضي المقدسة من براثن المغتصبين.
اليوم، تشكل قوة حزب الله علامةً محكمةً على قوة لبنان وداعمًا صلبًا لحماية السيادة الوطنية وحدود هذا البلد ومنافذه. لذلك ركز العدو كل جهوده على نزع سلاح حزب الله، وهو بلا شك هدفٌ ساذجٌ زائلٌ كما كان في الماضي، وذلك بفضل الوعي الكبير والعميق الذي يتمتع به الشعب اللبناني تجاه دور حزب الله ومحبته لزعيمه، لا سيما الشيعة.

– يعرّف السيد نفسه مواطنًا لبنانيًا، وتحتلّ المصالح والمنافع اللبنانية بالنسبة إليه مرتبة الصدارة في سلم أولوياته. كما أصبح اللبنانيون يعتقدون أن ما يريده السيد ويسعى إليه هو بلا شك في اتجاه تحقيق مصالحهم ومنافعهم. في مفترق طرق التآمر والخطر، كما كان الحال في قضية اغتيال رفيق الحريري، كانت قدرة السيد وحكمته هي التي قادت لبنان خارج النفق الخطير للحرب الأهلية. هو يؤكد على الحوار الوطني وهو مؤسسه ومقوّمُه. كما أنّ لدى السيد كذلك قدراتٍ كبيرةً في إدارة الأزمات، وظهرت تجليات هذه القدرة بوضوح، سواءً في الحرب أو في البناء، وخاصةً في ترميم الأضرار التي سببتها الحرب الأخيرة.

– والأهم من كل ذلك، أن السيد من أتباع الإمام القائد، وهو يسعى في طريق الفلاح والخلاص لنفسه ولأمته من خلال الاستنارة بكلمات القائد وإشاراته، وهذا هو سر عداوة العدو القديمة وخصومته معه، وسرّ فخره واعتزازه .

You may also like

Leave a Comment

Alhoda

الهدی

تم التأسیس في العام ۱۹۸٤ کمؤسسة نشر دولیة بهدف توسیع التعاون الدولي بين الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة وباقي الدول في مجال الکتاب و النتاجات الثقافية الاخرى وبعدها وسعت نشاطها في مختلف انحاء العالم.

للاتصال بنا