Home ContentResistance الأهمية الجيوسياسية لإنجازات الشهید سليماني العسكرية في سورية

الأهمية الجيوسياسية لإنجازات الشهید سليماني العسكرية في سورية

بواسطة الهدی
7 minutes read
الأهمية الجيوسياسية لإنجازات الشهید سليماني العسكرية في سورية

مقدمة

“إذا أردت أن تعرف ما هو مشروع قاسم سليماني وما هي حدود هذا المشروع ، يكفي أن تجمع فسيفساء صورته الكبيرة، التي تؤلّفها صوره الصغيرة، التي توثق المناطق التي وطئتها قدماه لتدرك أنه على الوجه الآخر ستتشكل خارطة فلسطين، فكل الطرق عند قاسم سليماني إلى القدس ……

شكلت الأزمة التي عصفت بسوريا منذ عام ٢٠١١ متغيراً جيوسياسياً خطيراً ، ألقى بظلاله وتبعاته على المنطقة برمتها ، مهدداً أمنها بأكمله، ومنذراً بإشعال حرب إقليمية لا يمكن لأي دولة فيها أن تقف على الحياد، نظراً لتعقيدات التحالفات وتشابكات المصالح، إذ شكلت الجغرافيا السورية ساحة تنافس بين فواعل دولیين وإقليميين، حاولوا استغلال الأزمة لتأمين مصالحهم الجيوسياسية، وتمرير مشاريع وأجندات جاهدوا تاريخياً لأجلها عبر مختلف المؤامرات والسياسات وأخفقوا. ومع تحول الصراع في سوريا، وانتقاله لمستويات متعددة، تتداخل فيها الأدوار المحلية والإقليمية والدولية، شهدت السياسة الإيرانية مقاربات عدة، سواء فيما يتعلق بالتعريف الإيراني لما حصل في سوريا، أم فيما يتعلق بحجم الدعم والمساندة، ونظراً لمحورية دور إيران في مشروع المقاومة، وانطلاقاً من التزامها اتجاه حلفائها في هذا المحور، شكل الدعم الإيراني للحكومة السوريّة متغيراً جيوسياسيّاً أثر بفعالية على مسار الأزمة، وأحبط مخططات الدول الرامية لإخراج سوريا من محور المقاومة، وإضعاف هذا المحور الذي تشكل سوريا نقطة ارتكازه، انطلاقاً من أهمية موقعها الجيواستراتيجي، الذي يشكل همزة الوصل بين رأس المحور في إيران والعراق، وبين قوى المقاومة في لبنان وفلسطين، إضافة لأهمية موقع سوريا في خارطة الصراع مع “الكيان الصهيوني”.

الأهمية الجيوسياسية لإنجازات الشهید سليماني العسكرية في سورية

الدور الإيراني

لقد جاء الدور الإيراني في مواجهة الحرب على سوريا لتحقيق أهداف عدة أهمها :

– مجابهة المشروع الأمريكي في استهداف قوى المقاومة في المنطقة: نظراً لمحورية دور سوريا في دعم قوى المقاومة، فقد كثفت الولايات المتحدة الأمريكية؛ وأدواتها الإقليمية جهودها لاستهداف سوريا على مختلف المستويات العسكرية والسياسية والاقتصادية والدبلوماسية والإعلامية في محاولة يائسة لإسقاط الدولة السوريّة، وإخراجها من دائرة القوى المقاومة للمشاريع الأمريكية في المنطقة، وهذا ما أكده الشهيد سليماني في كلمة له أمام مجلس الخبراء الإيراني عام ۲۰۱۳ ، بقوله : “إن سوريا هي خط الدفاع الأول للمقاومة، وهذه حقيقة لا تقبل الشك” ، وهذا ما انعكس في دور الشهيد سليماني الكبير في الميدان السوري، وتضحياته العظيمة في مختلف الجبهات، حرصاً على أمن سوريا ووحدة أراضيها وحمايتها من الإرهاب، ومنع تمرير المشاريع الأمريكية والصهيونية في المنطقة، التي يشكل استبعاد سوريا من دائرة المواجهة مع “الكيان الصهيوني” أهم أهدافها .

نظراً لمحورية دور إيران في مشروع المقاومة، وانطلاقاً من التزامها اتجاه حلفائها في هذا المحور، شكل الدعم الإيراني للحكومة السوريّة متغيراً جيوسياسيّاً أثر بفعالية على مسار الأزمة، وأحبط مخططات الدول الرامية لإخراج سوريا من محور المقاومة، وإضعاف هذا المحور الذي تشكل سوريا نقطة ارتكازه

تحقيق التعادل في موازين القوى بعد أن تدخلت أطراف دولية وإقليمية، وانخرطت في دعم ما يسمى بقوى المعارضة، بشتى أنواع الدعم اللوجيستي والسياسي والإعلامي، وقد كانت تركيا أبرز هذه القوى الإقليمية التي دعمت التنظيمات المسلحة وماتزال في محاولة لاستغلال هذه الحرب، ومن أهم أهداف تركيا في انخراطها في الحرب السورية هو البعد الإيديولوجي، حيث تسعى الحكومة التركية لاستبدال الأنظمة الشرعية القائمة بأنظمة أخرى تشاركها التوجهات الإخوانية، وتدعم مشروع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إحياء “العثمانية الجديدة” ، بما يعنيه من تعزيز الحضور التركي في الجغرافية السورية التي تشكل بوابة هذا المشروع في المنطقة. كما تسعى تركيا لمنافسة القوى الإقليمية الأساسية في المنطقة وعلى رأسها إيران، انطلاقاً من سعيها لتحقيق الزعامة الإقليمية، ومواجهة مشروع المقاومة في المنطقة، الذي تشكل إيران محوره الأساسي، وقطع أوصاله في العمق السوري، خدمة “للكيان الصهيوني” ، الذي يربطه بتركيا علاقات استراتيجية رغم ما يبديه أردوغان من خلافات ظاهرية.

– المحافظة على موقع سوريا ومكانتها الإقليمية كأحد دعائم المشروع المقاوم ضد”الكيان الصهيوني”، والسياسات الرامية لتصفية القضية الفلسطينية، من خلال مساندة الجيش العربي السوري في معاركه في مناطق الجنوب السوري الحدودية مع كل من فلسطين والأردن، وفي مناطق القلمون الحدودية مع لبنان ، ليحافظ على قواعد الاشتباك مع الكيان الصهيوني”، ولضمان استمرارية دعم المقاومة اللبنانية، وقد شارك القائد سليماني في جميع هذه المعارك، وكان مهندس انتصاراتها ، فقد جعل الحاج سليماني من القدس بوصلته الدائمة، وقف فوق التراب السوري لينظر إلى فلسطين، ويواجه الأدوات والجماعات المتطرفة التي وظفتها الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج و”الكيان الصهيوني”، لاستهداف سوريا وتشكيل منطقة عازلة مشابهة لتلك التي أقامها الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان ، لتكون منطقة حماية لكيان الاحتلال، ونقطة عبور لاستهداف الداخل السوري، واستهداف أي تحرك موجه ضد العدو الإسرائيلي في المنطقة المواجهة للأراضي المحتلة، وهذا ما أسقط بجهود الشهيد سليماني وتضحياته، من خلال تحرير هذه المناطق من سيطرة المجاميع الإرهابية المسلّحة المدعومة من الكيان الصهيوني ..

كانت تركيا أبرز القوى الإقليمية التي دعمت التنظيمات المسلحة وماتزال في محاولة لاستغلال هذه الحرب، ومن أهم أهداف تركيا في انخراطها في الحرب السورية هو البعد الإيديولوجي، حيث تسعى الحكومة التركية لاستبدال الأنظمة الشرعية القائمة بأنظمة أخرى تشاركها التوجهات الإخوانية، وتدعم مشروع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إحياء “العثمانية الجديدة”.

مواجهة الإرهاب العابر للحدود، الذي جعل من الجغرافيا السورية العراقية مناطق ارتكاز جيوسياسي ينطلق منها لدوائر إقليمية جديدة، في تماهِِ مع المخطط الصهيو- أمريكي لفصل عرى المقاومة ووحدتها واستهداف أوراق قوتها، حيث شكل الإرهاب إحدى أدوات التأثير في الحرب السورية، استخدمته التنظيمات التي دعمتها ومولتها أطراف إقليمية ودولية، تبنت الإرهاب نهجاً وسلوكاً لتحقيق أهدافها، وجاء الشهيد قاسم سليماني قائد فيلق القدس لمواجهة هذه التنظيمات ومحاربتها ، ولا سيما مع تبنيها إيديولوجيات تكفيرية لتبرير إجرامها.

ويعد “داعش” أخطر هذه التنظيمات، نظراً لانتشاره على جغرافيا شاسعة امتدت من العراق إلى سوريا، ويُنقل عن الشهيد سليماني قوله : “إن طريق تحرير الموصل العراقية يمر من حلب السوريّة”، وهذا ما يدلل على البعد الجيوسياسي لوحدة وتكامل مشروع المقاومة، وضرورة مواجهة الإرهاب الممتد على هذه الجغرافيا التي تشكل شريان حياة المشروع المقاوم الممتد حتى فلسطين

الأهمية الجيوسياسية لإنجازات الشهید سليماني العسكرية في سورية

المعارك التي قادها الحاج سليماني في سوريا

مع تزايد استهداف الجيش العربي السوري، وتصاعد حدة المعارك على الساحة السورية عام ۲۰۱۲ ، ساند القائد قاسم سليماني بإشرافه ومشاركته الميدانية في مواجهة التنظيمات الإرهابية في جبهات عدة، شملت درعا في الجنوب السوري، وحمص، والبادية السورية وحلب ودير الزور، والبوكمال، وترك الشهيد سليماني بصماته الواضحة في كل هذه المعارك التي شارك فيها قيادة وتخطيطاً، فضلاً عن حضوره الدائم في ميادين القتال، جنباً إلى جنب مع جنود الجيش العربي السوري والحلفاء ، ومن أهم هذه المعارك التي شكلت تحولاً في مسار المعارك، وفي مصير الحرب على سوريا والحرب ضد الإرهاب واجتثاث تنظيم “داعش” الإرهابي كانت معركة البوكمال. وقد أدار الجنرال سليماني قيادة العمليات العسكرية في معارك البوكمال، ووضع خطة حصار البوكمال كمرحلة أولى، تقدّمت القوات من ثلاثة محاور المحور الشرقي من الحدود، ومن الجنوب انطلاقاً من المحطة الثانية، وتُرك لداعش منفذ شمالي المدينة، خلال العملية أحكم الخناق على داعش، وقد عكست هذه المعارك درجة عالية من التنسيق، عززتها الخبرات التي أكسبتها معارك حلب للقوات المشتركة في التحرير .

لقد شكل حضور سليماني في مواجهة المؤامرة على سوريا ضربة موجعة لأمريكا التي قامت بفرض عقوبات بحقه، وصنفته “داعماً للإرهاب”، وهذا ما يعكس زيف السياسة الأمريكية، التي تدعم الإرهاب من جهة، وتعاقب كل من يحارب هذه التنظيمات من جهة أخرى، وما جريمة اغتيال الشهيد سليماني إلا خدمة للتنظيمات الإرهابية، والكيان الصهيوني الذي شکل اسم الشهيد سليماني كابوساً له في حياته واستشهاده
لقد شكل حضور سليماني في مواجهة المؤامرة على سوريا ضربة موجعة لأمريكا التي قامت بفرض عقوبات بحقه، وصنفته “داعماً للإرهاب”، وهذا ما يعكس زيف السياسة الأمريكية، التي تدعم الإرهاب من جهة، وتعاقب كل من يحارب هذه التنظيمات من جهة أخرى، وما جريمة اغتيال الشهيد سليماني إلا خدمة للتنظيمات الإرهابية، والكيان الصهيوني الذي شکل اسم الشهيد سليماني كابوساً له في حياته واستشهاده، فقد تخوفت من استكمال مشروعه الممتد حتى القدس، وجنّدت كل الإمكانات لاستهدافه، ورغم الخسارة الكبيرة التي مثلها استشهاد القائد سليماني، إلا أن حجم الرد الإيراني على اغتيال الشهيد عكس بحجمه مكانة الشهيد، وقدرة إيران على الرد، فلأول مرة تتحدى دولة في العالم الولايات المتحدة الأمريكية وتستهدف قواعدها وتعلن عن ذلك، وهذا ما انعكس على الداخل الأمريكي، والمواقف التي رفضت عملية الاغتيال تخوفاً من الردّ الإيراني، إضافة إلى أنها أصبحت مسألة خلاف أساسية بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري للرئاسة الأمريكية، وكانت إحد أسباب خسارة ترامب الانتخابات.

الموقف السوري من اغتيال الشهيد القائد قاسم سليماني

كانت عملية اغتيال الشهيد قاسم سليماني ورفيقه الشهيد أبي مهدي المهندس صدمة كبيرة محزنة للشعب السوري، الذي خسر صديقاً حقيقياً شاركه أصعب لحظات الحرب، لم يتخلَّ عنه في أحلك ظروف الأزمة، وهذا ما كان له وقعه الكبير في نفوس السوريين الذين يعدونه شريكاً أساسياً في النصر، وقد أقيمت مجالس العزاء في مختلف المناطق السورية، وكان رحيله خسارة لكل بيت سوري، وقد بكاه السوريون كما بكاه الإيرانيون، وهو الذي شاركهم أصعب الفترات كما شاركهم فرحة النصر.

You may also like

Leave a Comment

Alhoda

الهدی

تم التأسیس في العام ۱۹۸٤ کمؤسسة نشر دولیة بهدف توسیع التعاون الدولي بين الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة وباقي الدول في مجال الکتاب و النتاجات الثقافية الاخرى وبعدها وسعت نشاطها في مختلف انحاء العالم.

للاتصال بنا