عندما قامت الثورة الإسلامية في إيران وحوّلتها من الملكية إلى جمهورية إسلامية بقيادة السيد الإمام الخميني (رض)، حيث اعتمدت هذه الثورة المباركة على قاعدة شعبية واسعة كانت تبحث عن الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، وأهم من هذا كله كانت ترفض التبعية للولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت تتحكم بالقرار الإيراني في المنطقة من خلال حكم الشاه وكانت دول الخليج تتودد إلى الشاه باعتباره الناطق باسم الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة.
لقد كان السيد الإمام الخميني رجل دولة بامتياز، بمقدار ما كان رجل فكر عميق، لم تكن قيادته للثورة ميدانية وحسب بل فكرية أثرت وأثّرت بالمجتمع الإيراني، فشكل بهذا الفكر النير الحضاري قاعدته الشعبية، التي كانت الحامل لهذه الثورة.
انطلق السيد الإمام الخميني في فكره من نصرة المستضعفين في الأرض، وعندما أقول في الأرض أعني ذلك تماماً ، بمعنى انتصاره لإرادة الشعب الإيراني، المناهضة لحكم الشاه ومن ورائه الأمريكان ، بالقدر ذاته في نصرته للشعب الفلسطيني المظلوم المضطهد من الكيان الصهيوني الغاصب للأرض وحقوق هذا الشعب الفلسطيني ومقدراته وثرواته.
من هنا ، بدا جلياً فكر السيد الإمام الخميني فعلاً وقولاً في إرادته بإعادة الحقوق لأصحابها بنصرته للشعب الفلسطيني من أجل تحرير أرضه واسترجاع حقوقه، فدعم حركات المقاومة التحريرية في فلسطين أياً كان منطلقها : إسلامياً أم يسارياً، أم غير ذلك، وكان يرى (رض) أنّ أيّ حركة تريد استرجاع الحقوق محقة ومن الواجب دعمها ، ولذا ركز السيد الإمام الخميني على الإنسان الفلسطيني في موقف إنساني بحت وقيمي بالدرجة الأولى.
انطلق السيد الإمام الخميني في فكره من نصرة المستضعفين في الأرض، وعندما أقول في الأرض أعني ذلك تماماً ، بمعنى انتصاره لإرادة الشعب الإيراني، المناهضة لحكم الشاه ومن ورائه الأمريكان ، بالقدر ذاته في نصرته للشعب الفلسطيني المظلوم المضطهد من الكيان الصهيوني الغاصب للأرض وحقوق هذا الشعب الفلسطيني ومقدراته وثرواته.
وحتى يصل (رض) إلى هدفه السامي ، أراد أن تكون القدس واسترجاعها وإعادتها إلى أهلها شعاراً نضالياً تحرّرياً انطلاقاً من العقيدة الإسلامية، التي تتمثل بها العقيدة الإنسانية من أجل إعلاء قضية تحرير فلسطين واستمرارها ، فأطلق السيد الإمام الخميني يوم القدس العالمي في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان الكريم، لتترسخ في ذاكرة شعوب العالم الكارثة الإنسانية التي ألمت بالشعب الفلسطيني جراء هذا النوع الغريب من الاحتلال ، الاحتلال الصهيوني الغاصب للأرض والحقوق .
كانت هذه الرؤية الثاقبة للسيّد الإمام الخميني في مكانها، فما زلنا نشهد يوم القدس بعد ٤٥ عاماً من انطلاقته، ولم يزل مستمراً ، مؤكداً أحقية هدفه ليس في العالم الإسلامي وحسب، بل في العالم كله .
كانت القدس محط تركيز السيّد الإمام الخميني واهتمامه، فهي أولى القبلتين وثالث الحرمين، أرض المعراج، أي الارتقاء والسموّ في معانيه كلها، الإنسانية والأخلاقية والحقوقية والإيمانية العرفانية ، وكانت له نظرته الخاصة بذلك نظرة العالم الخبير، فكان لا بد من الانتصار للقدس، والنضال من أجل تحريرها ، وطرد المحتل، ومن ثم كانت القدس شعاراً حقيقياً لقيادة العالمين العربي والإسلامي، التواقين إلى تحرير فلسطين وعودتها لأهلها .
لم يقف السيد الإمام الخميني عند التوعية الحقيقية لأهمية تحرير فلسطين، بل كانت توجيهاته واضحة لدعم شعبها الذي تخلّى عنه معظم أشقائه، وتركوه وحيداً في مواجهة العدو الصهيوني ومن ورائه الولايات المتحدة الأمريكية رأس داعميه. وهنا نقطة اشتراك بين الثورة الإسلامية الإيرانية المباركة التي ناضلت ضد عمالة الشاه للولايات المتحدة، هذه الثورة التي وجدت أنّ الداعم الأكبر للكيان الصهيوني الغاصب هو الولايات المتحدة ذاتها التي كانَ الشاه عميلاً لها، فكان النضال ضد الإمبريالية العالمية المتمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية هو القاسم المشترك .
وتجلى دعم الثورة الإسلامية الإيرانية المباركة لشعب فلسطين بجوانب عدة منها العسكري واللوجيستي والمعنوي والتقاني والثقافي والمادي، وتظهر قوة هذا الدعم من استمراره حتى يومنا هذا في نقل التقنيات العسكرية وتصنيع الأسلحة النوعية للمقاومةالفلسطينية، لتعتمد على ذاتها وتكون سريعة الردّ في مواجهة الكيان الغاصب.
لا بد من الإشارة إلى البون الشاسع بين الدورين الإيراني والأمريكي في المنطقة، فالأمريكي يدعم بعض الدول في المنطقة، ولا سيما دول الخليج الفارسي، وذلك مبني على المنفعة الذاتية للولايات المتحدة، والدليل الأوضح في ذلك كان في موقف ترامب المذلّ للسعودية من خلال خطاباته التي تمثل أكبر دليل على ذلك. في حين أن إيران تقف مع شعوب محور المقاومة لبنائها في فلسطين واليمن والعراق ولبنان، بطريقة تتكامل فيها قدرات محور المقاومة في مواجهة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، وترك الباب مفتوحاً لمن يريد الانضمام لهذا المحور لأنه يحترم القانون الدولي والعلاقات العامة المشتركة المبنية على الاحترام المتبادل ورسخ السيد الإمام علي الخامنئي نهج السيد الإمام الخميني (رض) من خلال استمرار الدعم بأنواعه المذكورة سابقاً للشعب الفلسطيني حتى اليوم.
د. وائل الإمام