ربما لا نغالي بالقول ان الشهيد قاسم سليماني كان متميزاً في اساليب النضال و ابتكاراته ، و في قدراته الفذة على التشخيص و مواجهة الاخطار والتعاطي مع التحديات ، سيما تلك التي تستهدف الشعوب الاسلامية و تهدد بلدان المنطقة . و في هذا الصدد كان تحرير القدس الشريف و انهاء مظلومية الشعب الفلسطيني هاجسه الاكبر ، فكان ( فيلق القدس ) انموذجاً في التحدي والمواجهة بمكاسبه و انجازاته ، فضلاً عن بلورة و تنامي محور المقاومة. وفي الذكرى الرابعة لاستشهاده ، نستحضر ما يراه العميد الركن عبد السلام سفيان من اليمن العزيز في حوارعن الشهيد الحاج قاسم سليماني :
بداية يؤمن العميد عبد السلام فيان بأن الشهيد قاسم سليماني، بثقافته الحسينية الكربلائية العاشورائية ، قدم نموذجاً انسانياً فريداً ، سيبقى ضمير هذه الأمة وعنوان عزتها وكرامتها. لافتاً الى ان الشهيد سليماني كان تجسيداً واقعياً لثقافة الايمان والإخلاص والحب والتضحية والفداء والشهادة . و مشدداً على ان الثقافة التي تركها لنا الحاج قاسم سليماني ، ثقافة بنتها يد النبوءات، ودم الائمّة الزاكي، وأنفاسهم الطاهره، ولقد تجذّرت في ملامح شخصيته منذ بدايات العمل الجهادي لما يزيد عن اربعين عاماً في معارك الدفاع المقدس وصولاً إلى بدايات تأسيس وبناء فصائل المقاومة في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق وقيام وتشكيل محور المقاومة.
و يرى العميد عبد السلام ان هذا المسار العملي بمستوياته التكتيكة والاستراتيجية ، كان نتاجاً لهذه الثقافة التي تحرّك سليماني بها، ومن خلالها ، في رفضه للظلم ومناهضته .. إنها ثقافة عاشوراء التي كانت حيةً وحاضرةً معه في ميادين المواجهة ضد قِوى الاستكبار وطغاة العصر، فكانت الملهمة لكل مجاهدِي المقاومه في الثبات والصبر والتضحية في كل ارض وفي كل زمان و مصداقاً لمقولة “ كل ارضٍ كربلاء وكل يومً عاشوراء “ .
و عن اهمية الدور الذي اضطلع به الشهيد سليماني و تداعياته على مستقبل الامة الاسلامية ، يقول العميد عبد السلام : الحقيقة ان الحاج قاسم سليماني عمل على استعادة السلام المفقود على صعيد المنطقة . فما عاشته بعض شعوب المنطقة وبالأخص سوريا والعراق كان مهولاً ومفجعاً وكارثياً، كان تهديداً حقيقاً لحاضر هذه الدول ومستقبلها. وانا اتساءل عن الواقع المفترض لهذه الدول وشعوبها لو لم يكن هناك تحرّك بقيادة الحاج قاسم سليماني للقضاء على المشروع التكفيري الداعشي؟ . لكان من المؤكد أن شواهد المأساة ماثلة على امتداد جغرافيةِ هذه الدول، ولكن الشهيد سليماني بثقافته الحسينية الكربلائيه العاشورائيه قدم نموذجاً انسانياً فريداً مدافعاً عن المظلومين، ايّناً كانت لغتهم ودياناتهم في مواجهة الظالمين ايّن كانوا، ولهذا سيظل الشهيد سليماني ضمير هذه الأمة وعنوان عزتها وكرامتها في مرحلة فارقة من التاريخ، وما أحوج الإنسانية في واقعها المعاصر لتقوم بعملٍ تتفاخر به اجيالها المتعاقبة، إن هي ارادت سموها وبلوغ كمالاتها.
أن الشهيد قاسم سليماني، بثقافته الحسينية الكربلائية العاشورائية ، قدم نموذجاً انسانياً فريداً ، سيبقى ضمير هذه الأمة وعنوان عزتها وكرامتها. کما انه كان تجسيداً واقعياً لثقافة الايمان والإخلاص والحب والتضحية والفداء والشهادة .
و يمضي بالقول : لقد أدی قاسم سليماني دوراً حاسماً في تشكيل وبناء وتدريب وتسليح الحشد الشعبي وبقية فصائل المقاومة ، ليكونوا قوة فاعلة يمتلكون كلاً من عناصر القوة والقدرة ما يؤهلهم للقضاء على المشروع التكفيري ، مستفيدين من خبرة الشهيد سليماني في تنظيم القوى الميدانية، وقدرته في التخطيط للعمليات العسكريه وتطوراتها المتسارعة والحروب الغير نظامية ، وذلك لتحقيق اكبر الانتصارات بأقل التكاليف. ثم إن تواجده الميداني ومشاركته للمجاهدين في مختلف الجبهات والمحاور وفي الخطوط الأولى رغم حجم المخاطر، كان له بالغ الأثر في رفع معنويات المجاهدين . كما كان له دوراً هاماً في إدارة المعركه بتطوراتها المتسارعه لاتخاذ القرارات المناسبه في اللحظات الحرجة.
ان الحاج قاسم سليماني عمل على استعادة السلام المفقود على صعيد المنطقة . فما عاشته بعض شعوب المنطقة وبالأخص سوريا والعراق كان مهولاً ومفجعاً وكارثياً، كان تهديداً حقيقاً لحاضر هذه الدول ومستقبلها.
و يتابع : ثم التحولات المتسارعة في سوريا ومراكمة الإنجازات وقلب المعادلات بعد أن كانت الجماعات الإرهابية المدعومه أمريكياً والمدعومة من الكيان الصهيوني ومن أنظمة العماله العربيه قد حققت العديد من المكاسب، في حينها أدرك العدو ان الحاج قاسم سليماني يمثّل خطراً حقيقاً على وجوده وعلى مشاريعه في المنطقة بإعتباره اهم روافع المقاومة في الميدان والعقل المبدع والخلاق بشخصيته الفريدة الاستثنائية وقدرته على التحليل السليم للأحداث الذي مكّنته من استشراف المستقبل وقراءة تحدياته وإمكانية التوقع بما يمكن أن يحدث قبل حدوثه، والتي كانت تتجلى في سلوكه الفردي وتعامله الأخلاقي ما انعكس في استجابة قطاعات واسعة من المجتمع في كل من سوريا والعراق وسائر دول محور المقاومة إلى ساحات العمل الجهادي لمواجهة مشاريع أمريكا والكيان الصهيوني وأدواتهما من التكفيريين.
و اخيراً يحدثنا عن انطباعه ازاء طبيعة العلاقة بين الحاج قاسم سليماني و رفيق دربه المجاهد ابو مهدي المهندس ، قائلاً : مما لا شك فيه أن شعوب أمتنا كانت تحتاج لأجل خلاصها وتحقيق أهدافها إلى التضحية والفداء، ولقد كتب الشهيدان بدمهما الطاهر دروساً في التضحية والفداء فارتقيا شهيدين عظيمين في سجل الخالدين. ولا أدري إذا ما جاز لنا ان نتساءل لو ان أحدهما سئُل عن الاخر لقال “هو مني وانا منه “، او هو انا وانا هو ، لأنهما روح واحدة وجسد واحد ، فهما يهدفان لغاية واحدة ويسعون لمصير واحد مشترك. وجاء إستشهادهما تتويج لتاريخ حافل من النضال والجهاد المقدس حتى تحقق حلمٌ وتأجل اخر، تحقق الحلم الذي كان يراود كل منهم وهو ان ينال الشهادة وتأجل حلم التحرير” فتح فلسطين واستعادة القدس” .
العميد الركن عبد السلام سفيان