Home ContentResistance الشهيد سليماني: الإبداع في صناعة الأبطال في مجابهة الإستكبار العالمي واسترداد الكرامة وإفشال مشاريع الهيمنة والسيطرة

الشهيد سليماني: الإبداع في صناعة الأبطال في مجابهة الإستكبار العالمي واسترداد الكرامة وإفشال مشاريع الهيمنة والسيطرة

بواسطة الهدی
7 minutes read
الشهيد سليماني: الإبداع في صناعة الأبطال في مجابهة الإستكبار العالمي واسترداد الكرامة وإفشال مشاريع الهيمنة والسيطرة

لا يمثل الشهيد الحاج قاسم سليماني مجرد خطاب وواجهة منبرية للمقاومة وإنما هو تجربة مقاومة غنية وثرية متحركة على الأرض تتوافر فيها كل مقومات وركائز الإبداع، فقد أقام الشهيد بنياناً راسخاً وصرحاً عملاقاً للمقاومة يمشي بعزة وشموخ على الأرض، ماثلاً يمكن مشاهدة وقراءة تفاصيله بوضوح، ولذلك فإن تأثيراته ما تزال ترسم توازنات مهمة في المنطقة والساحة الدولية، وتتجاوز إلى حد بعيد ما يمكن أن يتم الحديث حوله من نظريات حول المقاومة وما يتصل بها من محاور وموضوعات والتي ترتكز أساساً على ثقافة التحدي في مواجهة الظلم والإستكبار، والإيمان والثقة بالقدرات والموارد الذاتية على الانتصار عليها وردعها بثقة عالية بالذات وبالقيم العالية التي تقوم عليها فلسفة المقاومة التي أرسى ركائزها الفكرية الإمام الراحل الخميني ”رضوان الله تعالى عليه“، وأسس لها كنهج وخيار للتغيير والإصلاح في المجتمع الإسلامي.

وتعتبر فكر وثقافة المقاومة الركيزة الأساسية في فكر الإمام الراحل العظيم ”رضوان الله تعالى عليه“ والذي كان مشحوناً بما يكفي من الثقة والقناعة بأن المقاومة هي السبيل الوحيد لقطع دابر الاستكبار والهيمنة. والشهيد سليماني ”رضوان الله تعالى عليه“ هو أحد خريجي هذه المدرسة الرسالية الكبرى وأحد القادة الكبار الذي أخذ على عاتقه ترجمة كل تطلعات وطموحات الإمام ”رحمه الله“ على أرض الواقع وأوجد للمقاومة بنياناً وصرحاً قائماً يضخ في الأمة روح وعنفوان المجد والكرامة وتعزيز الإيمان والثقة بكفاية القدرات والموارد الذاتية على تحقيق النصر على قوى الهيمنة والسيطرة والاستغلال والاحتلال.

لقد إنتصرت الثورة الإسلامية في ايران بفكر وثقافة المقاومة، كخيار استراتيجي للدفاع عن الكرامة وحماية وصيانة مقدرات الأمة وسيادتها، واهتمت الثورة المنتصرة بنفس القدر بسائر العلوم الإنسانية والمهنية كالاجتماع والإقتصاد والسياسة والهندسة والكيمياء والفيزياء والرياضيات وغيرها من العلوم، ولكن بقناعة إن جميع العلوم رغم أهميتها الكبيرة إلا إنها من غير أن تتوفر لها الحماية اللازمة فلا قيمة لها، ولا يمكن أن تحقق كل هذه العلوم المدنية والإنسانية للأمة أي إنجاز يذكر، في حالات الضعف والعجز والهزيمة.

فلا يمكن أن يتحقق من إنجازات على المستويات المدنية والاجتماعية والسياسية إلا إذا توافرت لدى الأمة أسباب القوة التي تدافع وتحمي عن وجودها وتعمل على صيانة مقدراتها من العبث والاعتداء، ولذلك كانت المقاومة في فكر الثورة هي المشروع الأساسي للدفاع عن الكرامة وحماية السيادة والتي يمكن من خلالهما الإنطلاق إلى برامج التنمية المتنوعة والمتعددة لتحقق أفضل الإنجازات وأوسعها. وهذا ما نلاحظ بأن الثورة الإسلامية قد حققتها وما تزال حتى هذه اللحظة.

الشهيد سليماني: الإبداع في صناعة الأبطال في مجابهة الإستكبار العالمي واسترداد الكرامة وإفشال مشاريع الهيمنة والسيطرةإن الأمة التي تفقد بفعل الهيمنة والسيطرة عليها من قبل قوى الاستكبار كرامتها وسيادتها فإن أية علوم غير علم وفن المقاومة لن يجعلها قادرة للدفاع عن الكرامة ولا السيادة وإنما ستظل عاجزة حتى من الاستفادة من مخرجات تلك العلوم بما يسهم في إحداث نهضة حقيقية وواقعية تتصدر من خلالها قائمة الإبداع بين الأمم. وهكذا فإن المقاومة هي الحصن الحصين الذي يمكن من خلالها حماية المنجزات والمكتسبات التي تحققها الأمة خلال نهضتها للتقدّم والرّيادة، ويمكننا الجزم بأن الأمة بدون فكر وثقافة المقاومة لا قيمة لأي شيء فيها خاصة مع حدوث العجز وغياب المقاومة كنهج ووسيلة للدفاع عن الكرامة وحفظ السيادة وحماية المكتسبات.

إن الاستكبار العالمي وبغية إحكام السيطرة والهيمنة على الأمة ومقدراتها يتبع العديد من الوسائل لكسر إرادة الأمة وتحطيم كل ما يمكن أن يبقى لديها من روح متطلعة نحو الاستقلال والعزة والحرية والكرامة، وبما يسهل عليه مسألة السيطرة والتحكم في مقدراتها، فإنه يلجأ إلى إضعاف الأمة بشتى الوسائل، ونشير هنا إلى بعض من أهم هذه الوسائل والتي على رأسها إشعال الحروب والنزاعات على الساحة الدولية، بغرض السيطرة المطلقة على مقدرات الأمور أو بغرض الإنهاك والاستنزاف حتى تتم عملية الخضوع لإرادته. كما يستفيد الاستكبار ثانياً من زرع الأنظمة العميلة والمأجورة التي تقوم بمهمة شرطي الحراسة على النظام الاجتماعي وتصبح الدولة مخترقة بالكامل وخاضعة للسيطرة والتحكم بشكل مطلق للاستكبار ويكون من هم في السلطة مجرد أدوات تنفيذية لمخططات الدول الإستكبارية.

كما تلجأ دول الاستكبار في حال عجزها عن إحكام السيطرة على الشعوب من خلال اشعال الحروب والمواجهات الساخنة إلى الحروب الناعمة والتي تهدف إلي خلق التشكيك بكل ما هو قائم ومستقر في المجتمع. كما تلجأ في معظم الأحايين إلى إستخدام سلاح الفتن كالطائفية والعنصرية والإثنية لتمزيق المجتمع ومحاولة الدخول بين الأطراف المتصارعة كقوى مناصرة لطرف دون بقية الأطراف بغية الإمعان في الإستنزاف والتدمير أو كأطراف بيدها الحلول السحرية لإنهاء الصراعات البينية في المجتمع الواحد.

لقد فطنت المقاومة التي أقام بنيانها الشهيد الحاج قاسم سليماني إلى جل ألاعيب دول الاستكبار العالمي وقام بالتركيز على مجابهته بصورة مباشرة مع الانتباه الجيد بعدم الوقوع في أي من مصائد الاستكبار لحرف بوصلة المقاومة من مكانها الصحيح. وبذلك نجح الشهيد سليماني في إفشال كل مخططات الدول الإستكبارية للسيطرة والهيمنة على عدد من بلدان المنطقة، كما فشلوا هم في حرف بوصلة المقاومة عن مسارها وموقع تمركزها كرأس حربة في مجابهة مشاريع السيطرة والهيمنة.

في تقديرنا بأن الشهيد سليماني ”رضوان الله تعالى عليه“ لم يرى في الدبلوماسية والعلاقات الدولية الا واحدة من أدوات ووسائل سيطرة الدول الاستكبارية وهيمنتها على العالم. ولذلك كان جهده ينصب في مشروع ”التصدي والمقاومة“ أمام مشاريع الهيمنة وخياراتها للسيطرة والتحكم، وجعل الدبلوماسية والعلاقات الدولية تخدم هذا المشروع، بأن تقوم بحمايته والدفاع عنه كقيمة أصيلة يجب أن تتمتع بها كافة شعوب الأرض للدفاع عن كرامتها وسيادتها ضد مشاريع الإحتلال والهيمنة والسيطرة للقوى الأجنبية.

وهكذا كان الشهيد الحاج سليماني مشروعاً رسالياً ضخماً ومتكاملاً في مواجهة كل مشاريع وادوات الهيمنة والسيطرة، ولعل من أبرز إنجازاته بالإضافة إلى ترجمة فكر وثقافة التصدي والمقاومة إلى مشروع متحرك وفاعل على الأرض هو إفشاله لمشروع الاستكبار العالمي المعروف بالشرق الأوسط الجديد الذي كان يستهدف السيطرة والهيمنة الكاملة والمطلقة على شعوب العالم الإسلامي والتحكم في مقدراته وموارده وثرواته، ولذلك لم يجد هذا الإستكبار خياراً سوى تصفيته جسدياً كمحاولة ظنوا من خلالها أنهم يستطيعون إنهاء وجود مشروعه الاستراتيجي الذي يقوم أساساً على ركيزة التصدي والمقاومة لكل مشاريع الهيمنة والإستغلال والسيطرة.

الشهيد سليماني: الإبداع في صناعة الأبطال في مجابهة الإستكبار العالمي واسترداد الكرامة وإفشال مشاريع الهيمنة والسيطرة

وبوسعنا القول اليوم بأن واحدة من أهم إنجازات الشهيد سليماني هو أنه أسقط بمقاومته وشهادته الحمراء كل قناع كان يتستر به الغرب كالمجتمع الدولي والعلاقات الدبلوماسية وكشف إنما هما جزء أساسي من أدوات ووسائل الهيمنة والسيطرة على العالم والتي رأى واجب الصمود والثبات من أجل مقاومتها ومجابهتها كقوى تمثل الشر التى تريد السيطرة والهيمنة على بلداننا والتحكم في مقدراتها وثرواتها.

وفي هذا السياق لم يقتصر دور الشهيد الحاج قاسم سليماني عند تحقيق الإنجازات العسكرية العملاقة سواء في حرب الثمان سنوات المفروضة على الجمهورية الإسلامية أو في القضاء على داعش وأخواتها في العراق وسوريا، والذي مثل صدمة قاسية غير متوقعة في حسابات وتقديرات الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وسقوط مشروع الشرق الأوسط الجديد الذى وظفوا له الأمكانات الضخمة والهائلة، فقد ربى الشهيد الحاج قاسم سليماني خلال فترة تمتد إلى أربعة عقود من الزمن جيلاً ذهبياً من المقاومين الشرفاء وفي دول عدة تقع عليهم اليوم كل آمال وتطلعات الأمة في التحرير والتخلص من هيمنة الاستكبار وقوى الظلام في معظم بلادنا الإسلامية المترامية الأطراف. وأبدع في إيجاد تحدي عملاق أمام قوى الاستكبار العالمي بحيث لا يمكن تجاوزه بمثل ما كان يحدث قبل زهاء العقدين أو الثلاثة عقود من الزمن، فعليهم أن يتجاوزوا هذه المرة مجاميع ”المقاومين“ الذين تربوا وتخرجوا من مدرسته ويحملون على أكتافهم روح التصدي والمقاومة من أجل عزة وسيادة وكرامة الأمة.

 

في هذه الثقافة القائمة اليوم في أكثر من بقعة من بلادنا الإسلامية لا توجد علاقة طبيعية بين الجبهة التي تمثل عنوان المقاومة والدفاع عن العزة والكرامة والسيادة والجبهة التي تمثل قوى السيطرة والهيمنة والنفوذ في العالم. فهناك طرف يريد بما يمتلكه من أسباب القوة أن يفرض سيطرته ونفوذه وتحكمه بمقدرات الأمور في بلداننا كأمر واقع، وهناك من ينطلق تحت قيم أخلاقية رفيعة متصلة بضرورة وواجب الدفاع عن المقدّسات والأوطان وحفظ السيادة والكرامة، وشتان ما بين الإثنين. وفي تقديرنا بأن الشهيد سليماني ”رحمه الله“ في سيرته الجهادية أكد بأنه لا ينبغي أن تكون هناك علاقة مع قوى الإستكبار والهيمنة بأي صيغة كانت الا على أساس حفظ الكرامة والسيادة الكاملة غير المنقوصة.

وهذا ما نلاحظه اليوم بوضوح وإن ما تقوم به قوى المقاومة من عمل جبار وكبير في مقاومة قوى الإحتلال في منطقتنا يعكس تماماً رؤية عميقة ترتكز على ضرورة إحترام المجتمعات البشرية وحفظ كرامتها وسيادتها، وهي ترفض بفكر وفعل مقاومته أي شكل من أشكال الهيمنة والسيطرة والاحتلال تحت أي منطق ومبرر كان، وهناك الآلاف من خريجي مدرسة الشهيد الحاج قاسم سليماني من هم مرابطون اليوم على الثغور دفاعاً عن ناموس الأمة وشرفها وكرامتها وسيادتها.

الشهيد سليماني: الإبداع في صناعة الأبطال في مجابهة الإستكبار العالمي واسترداد الكرامة وإفشال مشاريع الهيمنة والسيطرة

ولذلك يمكننا القول وبثقة تامة بأن ما قام به الشهيد سليماني ”رضوان الله تعالى عليه“ هو الإبداع في خلق المقاومة وإيجاده مشروع فاعل متحرك على الأرض، وكذلك الإبداع في ترسيخ فكر وثقافة المقاومة للدفاع عن الكرامة والسيادة وحفظ الأمة ومقدراتها ومواردها، والإبداع ثالثاً في خلق جيل ذهبي من الرساليين المقاومين لكل مشاريع الهيمنة والاستسلام، والمنتشرون اليوم على رقعة واسعة من خارطة عالمنا الإسلامي.

وها هي قوى المقاومة التي بناها وأرسى دعائمها تقف اليوم بشموخ وإقتدار وراء الدفاع عن السيادة والكرامة في أكثر من موقع، ووراء تعزيز فكر وثقافة حفظ الكرامة والسيادة، وهي ذات الثقافة التي تنهض بالأمة من أجل الحفاظ على الأوطان ومقدراتها، وبشجاعة مجابهة قوى الشر التى تريد الهيمنة والسيطرة والاستغلال البشع للموارد والمقدرات. وأصبح الشهيد سليماني مدرسة عملاقة في سماء المقاومة ينهل منها الأحرار الشرفاء وطلاب الحرية والعدالة والكرامة من جميع إنحاء العالم.

في تقديرنا بأن الشهيد سليماني ”رضوان الله تعالى عليه“ لم يرى في الدبلوماسية والعلاقات الدولية الا واحدة من أدوات ووسائل سيطرة الدول الاستكبارية وهيمنتها على العالم.

بقلم: الدكتور راشد الراشد کاتب وناشط سیاسي بحریني

شاهد هذا المقال في الوحدة 383

مجلة الوحدة العدد 383

You may also like

Leave a Comment

Alhoda

الهدی

تم التأسیس في العام ۱۹۸٤ کمؤسسة نشر دولیة بهدف توسیع التعاون الدولي بين الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة وباقي الدول في مجال الکتاب و النتاجات الثقافية الاخرى وبعدها وسعت نشاطها في مختلف انحاء العالم.

للاتصال بنا